17‏/11‏/2008

بــ ـر د




لم لم يخبرني أحدكم أن علي أن أجهّز نفسي ؟!

لم لم ينبهني أحد ما أنه من الممكن أن التقي أحدهم "هنا "؟؟

بل الأسوء ...لم لم أفهم قبل اليوم أنهم موجودون حقاً ؟؟

:
:

مساءٌ دافئ نسبياً لخريف يحاول احتضان شتاء جديد ..."جُمعةٌ" أليفة ، كان يفترض بها أن تجمعنا من أطراف الأرض لنتشارك حلماً ما ب" أن نفهم العالم من حولنا ..."أن نقترب !

سرور داهم قلبي ذاك اليوم ، قلت لمها أني سعيدة وبدون أسباب !

الباب الذي فُتحَ هب منه هواءٌ دافئٌ جعلني أندم للتو على ثقل ما ارتديه!...غرفة صغيرة للغاية، مثقلة بابتسامات تمتزج مع تحيات بلغات مختلفة ... وجوه أليفة وأخرى غريبة توحدهم جميعاً نظرة فضول !

وحدها جمدت دمائي عندما اقتربت منها...حمامة بيضاء ترفرف فوق بلوفرها البني، زرقة حادة في العينين ..وبرودة راوحت قلبي :يا ربي معقول!!!

ابتسمَت بدفء يزيد عن حاجة غريبين التقيا للتوّ وسألت عن صديقتي : اختك؟ ...لا !


لدقائق تنقل الحوارُ بيننا: لكنات غريبة ؛ فرنسي أليف وزوجة أمريكية تفيض بهجة، دنماركي غريب ،بريطاني بارد ، عربي و... و يهودية !

شيء ما غاص في قلبي عميييقاً ولم يخرج!

روث : ناشطة ضد الاحتلال الصهيوني ، داعمة للفلسطينين تسكن في القدس..

رنت الكلمة الأخيرة في أذنيّ كحلم ..

دوامة اقتنصتني ...

" القدس"!

منذ أسبوع فقط رقص قلبي بهجة لإعلان في جريدة " شركة سياحة تنظم رحلات للأقصى ...لمدة يوم فقط" لم ألتهم فرحتي كاملة حين أجابني الشاب على طرف الهاتف : "آسف, فوق الاربعين بس"!

يااه كم بدت الثلاث وعشرون خفيفة! كم تمنيت لو فاض الآخرون علي ببعض سنينهم! لو حملت بعض شيب أبي... بعض تجاعيد أمي ... جودو علي بـ بعض كهولة !


وأعادني صوت أحدهم يتسائل ان كان وجود روث بيننا يغضب أحدنا!
كيف من الممكن أن أفهم ما أشعر به حقاً ؟

تسكن في القدس ...لربما في منزل جدي الذي احترقت روحه حزناً على ضياعه!

تسكن في القدس ...شعرها الذي لونته الكهولة ، ثنايا السنوات في وجهها لربما تخبئ ابناً شابا هنا أو هناك يخدم في جيشـ..ـهم

"جيل" تبرع بالرد ..:لمَ نغضب!

كيف يفهم جيل ما يدور بقلبي ؟

كيف أشرح لعجوزة في أواخر عمرها تحمل حمامة فوق قلبها وبياض في شعرها أنها قبيحة للغاية، أنها كذبة وقحة وأن وجودها في هذه الحياة تهديد لوجودي ؟؟
قبل هذا المساء ..لو سألني أحدكم عما سأفعله لو قابلت "اسرائيليا " لفضت بالحديث عما سأفعل وأقول..

لكني تجمدت

:

:

الغرفة المكتظة بالبشر ...المدفأة التي تحترق بنا ...بخار الشاي الدافئ... تلاشو من حولي... وتهت بداخلي!

أحاديث كثيرة تجولت

أطباق منوعة

وألوان شتى اخترقت غشاء دماغي لكنه لم يفلح باستخراج جملة واحدة!

صديقتي أشارت لها بأن ثلاثتنا من الخليل ،ضمت يديها بخشوع وحنت رأسها حتى جحظ قلبي من مكانه..

لو لم نكن "هنا"!

لو لم تكن السنوات قد أثقلتك بهذا الشكل...لو .... ولا يليها شيء !

مدت بطاقتها إلينا : إن زرت القدس يوماً ما, بيتي هو بيتك ...

لم أصفعها بنظرةٍ حتى ...كنت مشغولة حقاً في محاولة لفهم كيف تدعوني اسرائيلية لأحل ضيفة على وطني!

اختفى الدفء من ذاك المساء ،بلعته أحرف اسمها ...

مها قالت : نكدت علي ،وافقتها بايماءة...

وحده رامز أصر على أنها" طيبة " ...على الأقل ليست ضدنا بل معنا! قلت له ما كان عقلي يحاول التوصل اليه طوال الأمسية : لو كانت ضد الاحتلال حقا لكان أول ما تصنعه أن تخرج من هناك! ليس بامكانك أن تكون ضد شيء تشكّلُ جزءاً منه !


ليخبرني أحدكم : كيف أجهز نفسي ؟
الصورة بعدسة::ابراهيم نصرالله

هناك تعليق واحد:

آية الرفاعي يقول...

روان..

يا نقيّة الحرف,
واللوعة..

انهمرت على سواد الصفحة حزنا باذخا..
وتيك الجولة الـــ في عقر روحنا خضتها..
كانت مؤلمة جدا, بقــدر ألمنا بغيــاب القدس..

والــرحلة الــ منعنا منها منذ قرن..
وكــ سرب طير, شتته رصاصة صرنا..

لحزنك الــ انبثق من عمق القلب..
ألف انحناءة حب..

روان, كريشتك, لا تزالين مبهرة دوما..