24‏/11‏/2008

يا ليتني...حقيبة سفر!




وأنت تعدين حقائبك اليوم ..تذكري أن تتركي مساحة لقلبي، بعض الشوق، وغيمة من حب!

خبئيها عن عيونهم على الحدود، وإذا ما وطئت الأرض فانثريهم هناك...

وعودي إليّ بذاكرة جديدة ...ملئى بالتفاصيل الصغيرة ؛ رائحة التراب ، صوت الآذان همسات الشجر..ألوان الشوارع شكل الغيم ، ومن أي أزرق يلتف هناك الأفق؟ خبئي لي نبض عيونهم؛ أترقص فيها أهلّة عند الفرح ؟ أتتلألأ نجمة هناك عند البكاء ؟
وإذاما هممت بالعودةإالى صحرائنا فوصيتي: بعض هواء يرد إليّ الروح ..
:

آية!

يا ليتني حقيبة سفر!

23‏/11‏/2008

في حضرة الغياب







أصغي بانتباه للطريق .. / فهيـ دوماً تحدثك عليكَ فقط أن تصغيـ /





كـــــــانت زيارتنا الأولى للمكان .. و كأن الصمت سيده الأول و الأخير


و نحن مجموعة من المزعجين ... نقتحم حضرته



لم نكن بذاك الأستعداد لتلقي الألم .. و نقنع أنفسنا بأنه / مشــوار/ كـ جميعها




*


حال بدء صعودك ... تصدمك صورته .. و تعريك كلامته .. فلا تملك أكثر من صمتك

وكأنه أعد مسبقاً بما يريد أن يرثى .. أعد مراثيه و أحزانه و رتب صوته ويديه ..


فـ كـــــان هــــــ ـــو




/ مــــــــحمـــــود درويـــــش ،، في حضرة الغياب /








حاولنا ألا نزعج خلوته ... أحسسنا بأنا نتطفل عليه ..
و كأن غريباً يدخل بيتك ليراك في سرير النوم

ما تزال مكتسياً بالنعاس متأبطاً ذاتك ..

لا عيناك شبه مغلقه و فمك يرد التثائب و لكن ضيفك يمنعك





*




بصمت جليٍّ دخلنا .. ممر طويل تكسوه الحشائش الخضراء .. ليوصلك إلى صومعته الهرمية

زجاجية الأطراف .. يحيطه الورد بكل مكان .. بكل لون ..

لا أصوات .. زقزقات خفيفة تنقر على باب العقل لتنبهه بأننا ما نزال على الأرض

ولم نصل الجنة بعد




حال وصلنا قرأنا الفاتحة لروحه بتأكيد المحب بأن ما يهدى سيصل

أحسست بمكيدة كلماته .. و كأنها تقودني لشرك البكاء

و هذا ما كنت أخطط لألى أفعله منذ البدء

ولكنها أقوى من أن يحتمل قلبي كل هذا الحزن

لتصدمني أخرى على شاهد الضريح



/
على هذه الأرض
سيدة الأرض
ما يستحق الحياة
/



الحياة ... في حضرة موتك


لا دموع تكفيك ..

الكثير .. من أحلامنا الطفولية الصغيرة بأننا سنزورك يوماً

و سنجلس إليك لنحدثك و ندهش معك ..

لم تمنحنا هذه الحياة سوى زيارة ضريحك

ورؤية إنعكاس دموعنا على ذاك الزجاج

كأننا نحدق في عينك و نرى بأننا نبكي أمامك



*



سريعو العطب نحن .. هشــَـة ٌ أحلامنا

ذراها الموت



*


عشر درجات إجتزناها ... كانت كافية لنكبر ألف ألف عمر


لنعود بملامح جديدة ... و أصوات غيرنا ...


وظلال لا نعنيها بقدر ما تعنينا


ويدين مختلفتين


حتى أنفاسنا إختلفت


أكلُ من زارك ... أصابه تـحولك /هــكـــذا / ؟؟؟!




غلفنا ما تبقى منا ... بظرفٍ أنيق


و وضعناه لك ..


علك َ تخرج ليلاً من صمتك


و تنظر لذواتنا قليلاً


لتعرف كم إنتظرناك


و كم أنكَ تعني لنا ....


و على الرف المجاور لأحلامي .. و ضعت لك َ الكثير من حبــه


فقد حملني سراً سلاماً لك ...


كنت سأخبرك الكثير ...


ولكن الوقت تأخر ..


و علينا النوم ... الـنــــــــوم الطويل


إعتني بنا قبل موتك و بعده


و بعدنا و بعدك



*






ملاحظة / 1/ : معرض الكتاب الذي أقيم على شرفك كان مدهشاً
و أنا أتجول بين الأروقه ... أحسست بجهل يطمرني تحت هياكل الكتب العملاقه

و رغبتي العارمه بالبقاء الطويل هنا ..


أحسست بجهلي العظيم


و بأنني أبتدء فيما لا نهاية له







ملاحظة /2/ : أُخبرتُ بأن الموتى يعرفون الكثير ...


أخبرني أنتَ ...


من منا بذاك الصواب ... و من منا كان أكثر جنوناً ؟




كـــن بـــخير



عند الله

17‏/11‏/2008

بــ ـر د




لم لم يخبرني أحدكم أن علي أن أجهّز نفسي ؟!

لم لم ينبهني أحد ما أنه من الممكن أن التقي أحدهم "هنا "؟؟

بل الأسوء ...لم لم أفهم قبل اليوم أنهم موجودون حقاً ؟؟

:
:

مساءٌ دافئ نسبياً لخريف يحاول احتضان شتاء جديد ..."جُمعةٌ" أليفة ، كان يفترض بها أن تجمعنا من أطراف الأرض لنتشارك حلماً ما ب" أن نفهم العالم من حولنا ..."أن نقترب !

سرور داهم قلبي ذاك اليوم ، قلت لمها أني سعيدة وبدون أسباب !

الباب الذي فُتحَ هب منه هواءٌ دافئٌ جعلني أندم للتو على ثقل ما ارتديه!...غرفة صغيرة للغاية، مثقلة بابتسامات تمتزج مع تحيات بلغات مختلفة ... وجوه أليفة وأخرى غريبة توحدهم جميعاً نظرة فضول !

وحدها جمدت دمائي عندما اقتربت منها...حمامة بيضاء ترفرف فوق بلوفرها البني، زرقة حادة في العينين ..وبرودة راوحت قلبي :يا ربي معقول!!!

ابتسمَت بدفء يزيد عن حاجة غريبين التقيا للتوّ وسألت عن صديقتي : اختك؟ ...لا !


لدقائق تنقل الحوارُ بيننا: لكنات غريبة ؛ فرنسي أليف وزوجة أمريكية تفيض بهجة، دنماركي غريب ،بريطاني بارد ، عربي و... و يهودية !

شيء ما غاص في قلبي عميييقاً ولم يخرج!

روث : ناشطة ضد الاحتلال الصهيوني ، داعمة للفلسطينين تسكن في القدس..

رنت الكلمة الأخيرة في أذنيّ كحلم ..

دوامة اقتنصتني ...

" القدس"!

منذ أسبوع فقط رقص قلبي بهجة لإعلان في جريدة " شركة سياحة تنظم رحلات للأقصى ...لمدة يوم فقط" لم ألتهم فرحتي كاملة حين أجابني الشاب على طرف الهاتف : "آسف, فوق الاربعين بس"!

يااه كم بدت الثلاث وعشرون خفيفة! كم تمنيت لو فاض الآخرون علي ببعض سنينهم! لو حملت بعض شيب أبي... بعض تجاعيد أمي ... جودو علي بـ بعض كهولة !


وأعادني صوت أحدهم يتسائل ان كان وجود روث بيننا يغضب أحدنا!
كيف من الممكن أن أفهم ما أشعر به حقاً ؟

تسكن في القدس ...لربما في منزل جدي الذي احترقت روحه حزناً على ضياعه!

تسكن في القدس ...شعرها الذي لونته الكهولة ، ثنايا السنوات في وجهها لربما تخبئ ابناً شابا هنا أو هناك يخدم في جيشـ..ـهم

"جيل" تبرع بالرد ..:لمَ نغضب!

كيف يفهم جيل ما يدور بقلبي ؟

كيف أشرح لعجوزة في أواخر عمرها تحمل حمامة فوق قلبها وبياض في شعرها أنها قبيحة للغاية، أنها كذبة وقحة وأن وجودها في هذه الحياة تهديد لوجودي ؟؟
قبل هذا المساء ..لو سألني أحدكم عما سأفعله لو قابلت "اسرائيليا " لفضت بالحديث عما سأفعل وأقول..

لكني تجمدت

:

:

الغرفة المكتظة بالبشر ...المدفأة التي تحترق بنا ...بخار الشاي الدافئ... تلاشو من حولي... وتهت بداخلي!

أحاديث كثيرة تجولت

أطباق منوعة

وألوان شتى اخترقت غشاء دماغي لكنه لم يفلح باستخراج جملة واحدة!

صديقتي أشارت لها بأن ثلاثتنا من الخليل ،ضمت يديها بخشوع وحنت رأسها حتى جحظ قلبي من مكانه..

لو لم نكن "هنا"!

لو لم تكن السنوات قد أثقلتك بهذا الشكل...لو .... ولا يليها شيء !

مدت بطاقتها إلينا : إن زرت القدس يوماً ما, بيتي هو بيتك ...

لم أصفعها بنظرةٍ حتى ...كنت مشغولة حقاً في محاولة لفهم كيف تدعوني اسرائيلية لأحل ضيفة على وطني!

اختفى الدفء من ذاك المساء ،بلعته أحرف اسمها ...

مها قالت : نكدت علي ،وافقتها بايماءة...

وحده رامز أصر على أنها" طيبة " ...على الأقل ليست ضدنا بل معنا! قلت له ما كان عقلي يحاول التوصل اليه طوال الأمسية : لو كانت ضد الاحتلال حقا لكان أول ما تصنعه أن تخرج من هناك! ليس بامكانك أن تكون ضد شيء تشكّلُ جزءاً منه !


ليخبرني أحدكم : كيف أجهز نفسي ؟
الصورة بعدسة::ابراهيم نصرالله

16‏/11‏/2008

على الحاجز



على الحاجز


" المخسوم أو محسوم "




كلما تذكرت حاجز بيت لحم تبادر لذهني ذاك اليوم ،


أحد أيام رمضان .. عندما قررت والدتي الذهاب للصلاة في المسجد الأقصى المبارك


و قد كان رئيس الوزراء " إيهود أولمرت " وقتها قد سمح لمن تجاوز عمر الخامسة و الأربعين من المرور دون عقبات

أصريت بكل حبي للأقصى أن أذهب معها تشبثت بها أن / خــــــــذيني / معك
وافقت .. و كانت سعادتي غامرة ولم أفكر بشيء آخر سوا الوصول و الصلاة و التجول في شوار القدس العتيقة
التي ما تزال تسكنني رائحتها كلما عبرتها


أو رأيت صوراً لها ... فتسري قشعريرة في جسدي معلنة ً ثورة لا حد لها من الإعتراض
فلا حق لنا بها كما يزعمون
كان الحاجز الذي سمح للناس بالمرور عبره هو "حاجز بيت لحم "
إنه مكان ضخم جداً تضج به كاميرات المراقبه و الطرق الملتويه
في أول مره دخلته لم يكن قد تمَّ بنائه
ولكنه ملاهي حقيقية... حلقات دائرية ضخمه تدور
طرق متعاكسه و ملتوية لنسير فيها فـ نصل منهكين لمكان التفتيش على الأوراق الثبوتية
و أماكن لتفتيش مغلقه في حال وجدت شكوك تجاه الشخص
و بوابات إلكترونية للكشف عن وجود اي معدن
و مكان للحقائب و الأشياء المعدينه الأخرى التي تمرر على جهاز ليزري يقوم بفحصها
أتذكر في أول مره دخلت بها هذا المكان لم يتجاوز عمري الـ السادسة عشر
ولكن صدقاً ذهلت مما رأيت .. كل شيء على وشك البدء لا غير
أحسست بأن ما يحدث كارثة حقيقة .. فـ بـعـد إتمام هذا الحاجز
/لا طـــــــــريقـ للقــــــــــدس / .
أتى محمود و هو سائق التكسي العمومي الذي سيقلنا للحاجز
الساعة لم تتجاوز الــ / ســـادســــة صباحاً /
كنت أرتب أغراضي بفرح طفلة ستزور وطنها بعد إنقطاع
ستزور أصحابها و أهلها و ترى شمس بيتها القديم

/


سجادة للصلاة .. محارم مبللة و معطره .. أغطية للجلوس على الأرض



صابونة و /هاي جيل / ...



و الكاميرة خاصتي
الكثير من الشوق .. و مساحة هائلة لإستقبال الذكريات الجديدة

رتبت قلبي من جديد لأتأكد بأنه سـ يستطيع أن يحمل كل شيء
كــــل شيء

/





صوت فيروز الشفاف كان يرافقنا طوال طريق ذهابنا

و الشمس تعلن بأشعتها الذهبيه عن يوم جديد

إبتسامة عريضة لم تفارقني منذ الصباح .

كل شيء كان يبتسم بألق .
حال وصولنا للحاجز .. لم يكن هنالك أناس كثر
كانو فقط يتجاوزون الـ 200 شخص



وقفت بجانب أمي أحاول الإختباء تحت عمرها

كي لا يراني الجندي المسؤول عن مرور الأشخاص
إجتازت أمي الحاجز ... و جاء دوري
قال الجندي : " خـــويتك "

أعطيته إياها بخوف
نظري لوجهي و كل علامات السخرية مرتسمة في ملامحه

و أكمل :" إنتَ صغير لويش بدك تروخ ع الكدس ؟"
ملئت عيوني بالأمل و أخبرته بأنني أريد الذهاب للصلاة ......... الصلاة لا غير
أجبته :" أنا رايحه لصلي "

قال :" إنتَ عمرك 19 الكرار الي طلع للي عمرو فوق 45 لوين رايخ"
نزلت كلماته عليّ كالبرق فقسمتني ...
أجبته : " لا عمري مو 19 ... عمري 70 سنه .. 70 سنه و أكتر"
كنت أوشك على البكاء ... أحسست بكل غضب الكون يتجمع في أشلائي التي بعثرتها كلماته في أرجاء المكان
وأنا أخبره بأن ملامحي العشرينيه هذه هي مجرد قناع أرتديه لملامح أكبر و عمر لن يصله أبداً من هم مثله

كنت أخبره و يقوم بدفعي للخلف ..
و يصيح قائلاً : " إرجع صلي ببيتك ما في كدس "
وقف بجانبي رجل سبعيني العمر
و قال لي :" يا عمي ما ح يعدوكِ إرجعي ع دراك أحسن "
إبتسمت له و أنا لا أملك أي كلمات أواجهه بها

/ خـــــيبـــة أخرى لا أكثر /
كانت أمي تقف بعيداً عند نهاية الحاجز

إتصلت بي قائلة ً :" شو صار ؟ "

أخبرتها وصوتي يحتقن بالدموع بأنهم أرجعوني و رفض أن يمررني
عن حاجزه الأثيم
قلت لها : " روحي إنتِ ماما أنا رح أبقى يمكن ع وقت الصلاة يسمحو للكل يمرق "
إقتنعت أُمي بكلامي ..
جلست على حافة الرصيف أنظر للجنود و الماره و قوات حفظ السلام " UN " كاميرتي بيدي
كانت أعداد الناس في كل ساعة تمر يزاد الضعف ... رجالاً و نساء ً و أطفالاً و شيوخاً
يضج المكان بكل الأعمار ..


كلما إزداد تواجدهم إزدادت وحدتي ... و إبتعدت أكثر عنهم
لم أنتظر أن يحين موعد الصلاة ... إستجمعت أشلائي ثانية
و قمت و أنا متأكده بأن الجندي سيبعثرني ثانية ً

ولكن قلت لنفسي " يكــفيكِ شرف المحاولة "

حملت هويتي ثانية ووقفت في الدور


عند وصولي للجندي نظر لي بإزدراء
و قال لي :" إنتَ ما بتفخم روخ صلي ببيتك ما في صلاة بالكدس "
لم أجبه بشيء
إسترجعت هويتي " بطاقتي الشخصيه "

و عدت أدراجي
أول شيء استوقفني عند عودتي لافته لمطعم
كلمة واحدة ... تحوي كل يومي
كل /عــــمري /



عدت لمنزلي
ولكني سأعود لذات الحاجز
و سأمر عنه

/ لـلــقدس /




ملاحظة أخيرة : كل ما أتيت على ذكره حصل فعلاً

وكل ذاك الألم ألحقه الغياب بقلبي
لا يوجد صور للمعبر من الداخل
فأنا لم أعبره سوى مره وحده فقط قبل عدة سنوات
ربما أعود يوما ً و أضع صوراً له

ذات يوم سآتيها و إياكم :)



سأترك لكم القليل من ياسمين القدس علَ عبيرها يصل